السلوك الإيثاري بين رأي لارو شفوكولد والقيسي

يرى لارو شفوكولد أن الإيثار لا حقيقة له، وأن الإخلاص مجرّد أسطورة، فبحسب نظرته لا يحبّ الإنسان إلا نفسه، ولا يسعى إلا إلى منفعته الخاصة. ويعتقد أن الإنسان مجبر بطبيعته على الشر والأنانية، وأن الأنانية هي الغريزة الأساسية التي تقوم عليها كل نزعاتنا، وهي الدافع وراء أي سلوك يظهر نبيلاً أو حتى شريراً.

لقد تبنّى شفوكولد رؤية متشائمة للحياة، فرأى أن وراء كل فضيلة باعثًا نفعياً خفيًّا. فالجندي الباسل – في تفسيره – لا يدفعه حب الوطن للتضحية، بل بحثه عن المجد والبطولة. وحتى عندما قيل له إن الجندي قد لا يفكر لا في شهرة ولا في صيت، أجاب بأن دافعه الحقيقي هو الخوف من تأنيب الضمير إذا لم يُدافع، لا حب الخير أو الإيثار.
وهكذا، لم يبحث شفوكولد في حقيقة ما تنطوي عليه النفس عند فعل الخير، بل اكتفى بتفسير ما يتصوره من بواعث الأنانية، معتبرًا أن كل فاعل خير يعمل في النهاية لمصلحته الخاصة أو لرغبة في ظهور اسمه.

في المقابل، ترى القيسي أن هناك أعمالًا وتصرّفات نمارسها بتلقائية خالصة لا صلة لها بالأنانية أو النفعية. فكما تحوي الأفعال الإنسانية التلقائية شرورًا، فإن فيها أيضًا خيرًا فطريًا.
وقد استذكرت القيسي في هذا السياق تقسيم فرويد للنفس البشرية إلى: الهو، والأنا، والأنا العليا؛ لتؤكد أن الإنسان قادر على السموّ فوق رغباته البدائية. وهي بذلك تعارض رأي لارو شفوكولد، وترى أن السلوك الإيثاري أحد مظاهر السلوك الاجتماعي الإيجابي الذي يجب أن نغرسه في أبنائنا وطلبتنا. فالإيثار يعني تقديم الغير على النفس في الخير، ويبدأ غالبًا من الأقرباء، بما يعزّز جينات السلوك الغيري لدى الفرد.

هذا السلوك – كما تؤكد – هو ما يجب أن يسمو به الإنسان، لا سيما وأن الله تعالى دعا إلى الإيثار في قوله:
﴿ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شحّ نفسه فأولئك هم المفلحون﴾ (سورة الحشر، آية 9).

إن هذه السمة – بنظر القيسي – تبدو واضحة في كثير من الأفراد الذين يقدّمون المساعدة للآخرين دون انتظار مقابل، وهو ما تعتبره أساسًا بيولوجيًا يتّصل بسلوكنا الاجتماعي وقيمنا الأخلاقية التي نعتنقها في حياتنا.

إلى القارئ:

رأيك مهم وقد يغيّر قناعتي…
فهل تؤيّد رأي لارو شفوكولد الذي يرى أن الإنسان أناني بطبيعته؟
أم تميل إلى رأي القيسي التي تؤمن بأن الإيثار قيمة إنسانية أصيلة؟