مستقبل غزّة مابعد قمّة السلام 2025

القضية الفلسطينية رافقتنا منذُ نعومة اظفارنا، ونؤمن بأن الشعب الفلسطيني صاحب قضية وطنية بامتياز وأنّ الكيان الصهيوني هو كيان مُغتصب ولايعلم إلا لغة القهر والقوّة.
القضية الفلسطينية دخلت في عالمنا منذ أكثر من عشرة عقود، ١٩١٧ جاء وعد بلفور الباطل الذي أيّد إنشاء وطن للاسرائيلين في فلسطين بعد استبعاد عدّة خيارات أخرى مثل أوغندا والارجنتين، ووقوع الخيار على فلسطين لا مُبرر له إلا لأهمية موقع فلسطين الاستراتيجي ولتكون قوة متينة في قلب الشرق الأوسط يتحكّم بها الغرب وتعمل على تفرقة العرب.
١٩٤٧ عندما صدر القرار الذي مزّق قلوبنا في الأمة العربية وذهب لتقسيم فلسطين واعلان قيام مايُسمى “دولة اسرائيل” ليأتي بعدها نكبة ال٤٨ وتهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين وبعدها حرب ال٦٧ والانتفاضة الفلسطينية في ال ٨٧ ليأتي بعدها قيام السلطة الفلسطينية في سنة ال٩٣ “اتفاقية اوسلو”
معركة طوفان الأقصى في ٧ اكتوبر ٢٠٢٣ تُعتبر حدثًا تاريخياً لايمكن اغفاله في التاريخ الحديث حيثُ أنه أدهش العالم بأسره وزلزل الأرض من تحت أقدام الحزب الحاكم المتطرف في اسرائيل، ولعظمة الحدث نتج عنه حرب شرسة دامت لأكثر من سنتين ارتكب خلالها الكيان الاسرائيلي كل أنواع القتل والدمار بحق الشعب الفلسطيني والبنى التحتية مُدمّراً عشرات بل مئات المدارس وكذلك المُستشفيات ومراكز الايواء الخاصة بالفلسطينيين.

بعد هذه الأحداث يأتي يوم ٢٩ ايلول من العام ٢٠٢٥ ويُلعن الرئيس الأمريكي ترامب عن خطة سلام تخصُّ غزة، وأهم ماجاء فيها يتعلق بتسليم الرهائن المُحتجزين لدى حماس وايضاً تسليم حماس لسلاحها ووقف إطلاق النار بالكامل.

لتذهب كتائب القسام وتُفرج عن عشرون أسيرًا وتم تسليمهم لاسرائيل من خلال الوسطاء وبالمقابل وفي سياق الخطة سيكون هنالك افراجًا لُما يعادل الفين فلسطيني في السجون الاسرائيلية. وتراجع للقوات الاسرائيلية من شمال القطاع لجنوبه ولكن استوقفني انه لم يُحدد تاريخ زمني واضح لسحب هذه القوات من القطاع الأمر الذي وضع الأمر محط تساؤل ومخاوف للمستقبل.

تساؤل آخر يُطرح حول من سيدير القطاع ولمن تعود سيادته في اتخاذ القرارات؟ لتأتي خطّة ترامب وتُشير أن قطاع غزّة ستحكمه لجنة مؤقتة بشخصيات فلسطينية متخصصة ” تكنوقراط” وخبراء دوليين وباشراف مايُسمى ” مجلس السلام” والذي سوف يرأسه ترامب مع رئيس الوزراء البريطاني السابق “توني بلير”
توني بلير ونتوقف عند هذا الاسم لنقرأ مستقبل ماسيحصل .
هذا الرجل معروف بولائه المُطلق لاسرائيل والذي من خلال قرائتي وتحليلي أجد أنّه هو سيكون هو المدير الحقيقي لقطاع غزّة وأنّه سيعمل على ادارة القطاع لما لا يقل عن ثلاث سنوات وسيكون اليد والعقل المدبّر للقطاع في مختلف السلطات القضائية والتنفيذية والتشريعية وغير ذلك.
الأمر الذي يدفعنا للتساؤل بقلق عميق أين حركة حماس وقادتها..؟ ومصير الشعب الفلسطيني في المرحلة القادمة ومن سيحمي حقوقهم..؟
لايخفى على مُتابع أن العدو لا يُمكن أن يصبح صديقًا، وأن لغة السيادة قد تجعلنا نبتسم ونجالس بعضنا الآخر ونتكلم ببعض الأمور التي قد ينتج عنها مصالح مُتبادلة للطرفين. لكن لا يمكن لأحد أن يحكم مصير الآخر .
قمّة السلام المعقودة اليوم في مصر ستكون يومًا تاريخياً للفلسطينيين وأنا اقول أن ترامب لن يكون راعي سلامي بل هو يستخدم فلسطين ليعطي لنفسه هذا اللقب، وأنا اخشى بشكل جدّي وحقيقي من ما أُطلق عليه “مجلس السلام” الذي سيدير غزّة في المرحلة القادمة، على اعتبار أنّه سيعتمد على مشاركة دولية تحت مسمّى الإشراف والتّحكم باتخاذ القرارت والمزاجية في المعايير، ما أجده انتهاكًا صارخًا لسيادة دولة فلسطين، الأمر الذي لا يجعل من سيكون في هذا المجلس من فلسطينيين وطنيين براحة ووطنية في ادارة القطاع