غزة تتعرض للإعدام.. نزوح ورعب في مشاهد تشبه نهاية العالم

تعيش مدينة غزة مشاهد مأساوية متلاحقة، خاصة بعد إعلان الجيش الإسرائيلي توسيع هجماته على المدينة التي تُذبح من الوريد إلى الوريد. رائحة الموت والبارود تنتشر في الأزقة، فيما السكان هائمون يبحثون عن مأوى مؤقت قد يحميهم لساعات قبل أن تطالهم المجازر. النزوح والوداع أصبحا جزءاً من يوميات المدينة المنكوبة، حيث يغادر أهلها بقلوب يائسة وأعين دامعة.

يشبه الوضع في غزة لحظة انهيار كونية تفوق الزلازل والبراكين، بل وتفوق ما تنتجه السينما من مشاهد نهاية العالم. هنا، تنهار الأبراج السكنية تحت وابل القصف، وتتصاعد الحرائق التي تحاصر المدنيين، فيما تسقط القذائف والصواريخ كالمطر دون تدخل برمجيات أو مؤثرات.

في غزة، لا يشبه الموت أي مكان آخر، فهو لا يأتي فقط عبر الصواريخ والرصاص، بل عبر الجوع والقهر أيضاً. يروي السكان قصصهم للعالم عبر مواقع التواصل، مرفقة بصور واقعية كتب عليها: “مش فيلم ولا نهاية العالم… هذه غزة”.

ومع توسع العملية البرية شمالاً وجنوباً وتشديد القبضة شرقاً، تدفق السكان إلى غرب المدينة المكتظ أصلاً، حيث لجأت عائلات إلى الشوارع. في المقطع الغربي من شارع الشهداء قرب ميناء غزة، قضت عائلة الحاج صبحي ليلة في العراء. تقول زوجته: “خرجنا من بيتنا في الشيخ رضوان، الدبابات اقتربت والقصف اشتد، فبتنا في الشارع. طوال الليل شاهدنا لهيب النار وسمعنا أصوات الطائرات، كنا نموت كل دقيقة من الخوف”.

تحدثت الأم بحسرة عن جوع الأطفال والمعاناة في قضاء الحاجة، فيما كانت تنتظر مع أسرتها دورها في عربة تقل النازحين إلى وسط القطاع.

انتشرت صورة أخرى على مواقع التواصل أظهرت رجلا يقود دراجته ليلا حاملا طفليه النائمين من شدة التعب.

بثت مواقع التواصل مشاهد لمسنة تقبّل باب منزلها قبل مغادرته قسراً، وأخرى لأهالٍ يودعون بيوتهم بعيون باكية. تلك المنازل التي بناها أصحابها حجراً بعد حجر، تتحول إلى أطلال مع كل تقدم إسرائيلي.

لكن حتى النزوح محفوف بالموت، فإسرائيل تمنع دخول الوقود اللازم لوسائل النقل، والطرقات المدمرة تجعل المسافة القصيرة إلى مخيمات وسط القطاع تستغرق ساعات طويلة. يقول سعيد عبد الواحد، وهو على متن شاحنة نزوح: “انتظرت يومين، دفعت 1500 دولار لنقل الأمتعة، الموت كان يحيط بنا من كل اتجاه”، فيما روت امرأة على نفس الشاحنة: “الأطفال بكوا من الجوع، ولم يكن معنا سوى الخبز”.

أما من لا يملكون المال، فاضطروا للسير على الأقدام تحت الشمس الحارقة. ومن بين المشاهد المؤلمة، عجوز ثمانينية منحنية الظهر تتبع أسرتها على الطريق الساحلي هرباً من الاجتياح.