تحولت المركبات غير المأهولة، التي تضم الطائرات والسفن البحرية والغواصات والمركبات الأرضية المسيرة، من مجرد أداة للرصد والاستطلاع إلى سلاح أساسي، وسمة تميز الحروب الحديثة، بداية من المراقبة وليس انتهاءً بشن الضربات القاتلة التي تكبد خسائر مادية وبشرية هائلة.
وبحسب وصف المحلل البريطاني للشؤون الأمنية والاستراتيجية، أوليفر ستيوارد، فإن خطورة المركبات غير المأهولة تشكل “كابوساً” يثير الرعب بين الجيوش، في ظل عدم وجود دفاعات يمكن إيقافها بشكل كامل حتى الآن.
وقال ستيوارد لـ”الشرق”، إنه لا يمكن لسفينة عسكرية مزودة بأفضل الأسلحة في العالم النجاة من هجوم تنفذه شبكة مترابطة من الطائرات المسيرة، إذ لا يوجد حتى الآن “سلاح رادع” لإيقاف تلك الهجمات.
وحذر ستيوارد، من إمكانية أن يزداد الوضع سوءاً إذا قررت “دولة مارقة” أو “جماعة إرهابية” استخدام طائرات مسيرة وتسليحها بـ”قنابل قذرة”، أي تلك التي تحتوي على مواد كيمائية أو بيولوجية، يمكن أن تحدث أضراراَ كبيرة.
وأحدثت الطائرات المسيرة نقلة نوعية في أساليب إدارة الحروب، ليس فقط لقدرتها على شن هجمات فتاكة، بل أيضاً لأنها يصعب مواجهتها والدفاع ضدها.
وتُزيل الطائرات المسيرة الحدود التقليدية للمخاطر التي تُشكلها على المهاجم، فعلى عكس الطائرات المأهولة، يُمكن إرسال الطائرات المسيرة إلى المجال الجوي المعادي دون تعريض الطيار للخطر، ما يسمح للقادة بنشرها بجرأة.
وقالت المحللة الأمنية الأميركية إيرينا تسوكرمان لـ”الشرق”، إن حجم الطائرات المسيرة الصغير، وضعف بصمتها الرادارية يُصعّب اكتشافها واعتراضها، خاصةً عند استخدامها في أسراب.
وأدى انخفاض تكلفة المسيرات ومرونتها وقدرتها على العمل دون تعريض الطيارين للخطر، إلى جعلها ذات قيمة متزايدة في الصراعات العسكرية التقليدية، بل إنها تتمتع بالقدرة على تعزيز الردع النووي، ولكنها تفرض أيضاً مخاطر كبيرة من حيث السيطرة على التصعيد ومبدأ “الضربة الأولى”.
وأدى التأثير الكبير للطائرات المسيرة في الحروب الحديثة، إلى البحث عن حلول رادعة، في ظل عدم وجود منصة دفاعية يمكنها وقف تهديد الطائرات المسيرة بشكل كامل.
“الروبوت الأول”
يُعرف جون روزماندو الخبير الأميركي في شؤون الأمن القومي، الطائرات المسيرة بأنها آلة طيران بدون طيار يمكن توجيهها إلى الهدف باستخدام جهاز تحكم، أو بدون، عبر تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وأشار في تصريحات لـ”الشرق”، إلى أنه يمكن لتلك الطائرات ربطها معا للعمل كجزء من سرب لسحق دفاعات العدو.
فيما أوضح ستيوارد، أن العالم شهد للمرة الأولى استخدام “روبوت أرضي” يتم التحكم فيه عن بعد خلال الحرب العالمية الثانية.
واستخدمت ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية، مركبة Goliath المسيرة عن بعد، وسلحتها بقنابل للانفجار في قوات العدو، واستخدمتها لاحقاً الولايات المتحدة بحربها في أفغانستان، خاصة في مراقبة تحركات حركة طالبان، ومن بعدها في العراق.
