حتى اللحظة، تبدو الحرب بين ايران وكيان الشر الصهيوني متحكم فيها، مركزة في ضرب موارد القوة لديهما في كل من طهران وتل أبيب. كل طرف يحاول أن يؤلم أكثر الطرف الثاني. يمكن القول أن هناك توازن نسبي؛ تسيطر إسرائيل على الأجواء الإيرانية نسبيا، باستخدام الطائرات الامريكية(F16 و F35)، بينما تتقدم إيران في السيطرة تدريجيا على الأجواء الإسرائيلية باستخدام برنامجها الصاروخي.
بناء على حجم قوة النيران المستعملة حتى الآن، يبدو أن الهدف الإسرائيلي هو تدمير البرنامج الصاروخي الإيراني، وتدمير بعض المؤسسات العلمية والمهنية الرافعة للبرنامج النووي الإيراني كذلك، ومؤسسات أخرى عسكرية ومدنية. لكن، حتى الآن لم تقترب إسرائيل من المحطات النووية الحساسة، بالنظر إلى خطورة ذلك على المنطقة ككل(تسرب الإشعاع النووي قد يصل الكيان نفسه).
كذلك الأمر بالنسبة لإيران، فهي تتفوق تدريجيا في فرض سيطرتها على الاجواء الإسرائيلية، وأنها تؤلم بالفعل الكيان اللقيط، وتدمر جزءا من مؤسساته الحيوية في منظومته الأمنية والعسكرية والاقتصادية. وبالنظر في الأهداف التي وصلتها صواريخ إيران، تبدو الأخيرة أنها تتوفر كذلك على بنك أهداف دقيق، وأنها كانت مستعدة لهذه الحرب. لكن الملاحظ كذلك أن الضربات الإيرانية لم تقترب حتى الآن من المناطق الحساسة في الكيان، مثل المحطات النووية.
إلى أين تتجه الأمور؟ ستستمر الحرب لفترة أخرى وفق الوضع القائم، هي حرب لكن ضمن حدود وقواعد تتشكل بالقصف المتبادل والمحسوب، وقد يستمر الوضع على ما هو عليه لأسبوع أو أكثر.
وفي حال لم تتراجع إسرائيل، ولم تقبل إيران الشروط الأمريكية المطروحة عليها، فإن الحرب القائمة مفتوحة على أكثر من سيناريو:
السيناريو الأول: تخفيض التصعيد ووقف الحرب، وهو سيناريو تضغط من أجله دول المنطقة تحديدا(دول الخليج، تركيا، مصر..)، ودول كبرى مثل روسيا والصين، كما يضغط من أجله الداخل الأمريكي(56% من الأمريكيين ضد الحرب)، فهو خيار مرجح لكنه ليس في مصلحة إسرائيل.
السيناريو الثاني: استمرار الحرب بين إيران والكيان اللقيط وفق الحدود الحالية، مع جرّ إيران إلى التفاوض، أي التفاوض تحت القصف، وهو خيار في مصلحة ترامب، الذي يواجه ضغوط داخلية، تمنعه حتى الآن من الانخراط في الحرب ضد إيران. ومن المرجح أن تقبل به إيران، تحت ضغوط من دول المنطقة والاتحاد الأوربي.. قبول إيران بهذا السيناريو قد يحدث لهدف محدد وهو انتزاع ترامب من مخالب اللوبي الصهيوني ونتنياهو وصقور إدارته.
السيناريو الثالث: هو الأسوأ، وهو الذي يريده الكيان اللقيط، أي فشل التفاوض غير المباشر أو المباشر، وأن تتطور الأمور نحو انخراط أمريكا في الحرب من اجل تدمير البرنامج النووي الايراني كاملا، وفي هذه الحالة قد تتحول الحرب القائمة إلى حرب إقليمية شاملة، بانخراط حزب الله والأذرع الشيعية في المنطقة، ويغلق باب المندب ومضيق هرمز، وقد يصبح بحر الخليج العربي ساحة مواجهة، ستنجر إليها دول الخليج، ما يعني دخول المنطقة في مرحلة الفوضى الشاملة.
في هذه الحالة أيضا، قد تلجأ إيران إلى تسريع الإعلان عن قنبلتها النووية، لمنع هذا السيناريو الأسوأ، وتغيير اتجاه الأحداث نحو وضع جديد وتوازنات جديدة.
والله أعلم
