قانون التعبئة العامة الجزائري، الذي صادق عليه مجلس الوزراء الأحد الماضي، ليس مرادفا للتجنيد أو الحرب بالضرورة. من المرجح أنه يندرج ضمن مسار تقوية الإطار التشريعي، بما يسمح لصانعي القرار هناك تأهيل وإعداد الدولة والمجتمع لكل الحالات الاستثنائية، سواء تعلق الأمر بحرب، أو بأي وضعية استثنائية أخرى مثل حالة وباء، أو كارثة طبيعية أو أي خطر أو تهديد داخلي أو خارجي…فهي خطوة تنطوي على الإعداد ورفع الجاهزية لكل الاحتمالات الممكنة.
تاريخيا، أعلنت الجزائر عن التعبئة العامة في ثلاث مناسبات، أبرزها حرب التحرير ضد الاستعمار الفرنسي، وحرب الرمال مع المغرب، وخلال العشرية السوداء التي عاشتها الجزائر في سنوات التسعينيات.
وعليه، فالقراءات الممكنة للخطوة الجديدة تتمثل فيما يلي:
– أولا: نحن إزاء مشروع قانون يهدف إلى استكمال التشريع العسكري في الجزائر، وليس قرار أو مرسوم فعلي بإلإعلان عن التعبئة في الجزائر. نحن إزاء مشروع قانون يندرج في إطار سد الفراغ التشريعي من خلال تفعيل الفصل 99 من دستور 2020، وهو مشروع قانون ينظم إجراءات التعبئة العامة ونطاقها ومستوياتها وشروط إعلانها. ومن المنتظر عرضه على البرلمان للمناقشة والتصديق.
– القراءة الثانية مرتبطة بالسياق الإقليمي، حيث إن الجزائر تبدو مطوقة بعدد من الضغوط الأمنية والسياسية، وهي ضغوط في حالة تصاعد ومفتوحة على كل الاحتمالات، خصوصا بعد ارتفاع حدة التوتر على حدودها الجنوبية مع مالي إلى حد إسقاط الجزائر طائرة مسيّرة في ملكية مالي. في هذا السياق المتوتر، يعتبر مشروع قانون التعبئة العامة جزءا من سلسلة تدابير استباقية، تشير إلى تقديرات لدى صانع القرار الجزائري ترجح بأن القادم أسوأ.
– القراءة الثالثة مرتبطة بتوقعات القيادة الجزائرية، حيث يمكن القول إن مشروع قانون التعبئة العامة تعبير عن حالة قلق لدى صانعي القرار الجزائري، وهو القلق الذي عبّر عنه مؤخرا الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، في حوار تلفزيوني، حين أشار إلى وجود مخطط عدائي لتطويق الجزائر من الشرق والجنوب. وهذا الشعور السلبي بالقلق اتجاه تطورات المحيط الإقليمي يدفع صانع القرار الجزائري إلى الانخراط في قرارات سياسية احترازية واستباقية، قد يكون الغرض منها رفع الجاهزية العامة، وربما التفاوض، كما الاستعداد للمواجهة.
