يتجه العالم إلى حروب من نوع جديد، إذ كشف الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في مارس، النقاب عن طائرة الجيل السادس Boeing F-47، وهي مقاتلة الجيل التالي للهيمنة الجوية NGAD، فيما كشفت الصين عن طائرة J-36 التي تتميز بقدرات فائقة على التخفي
وأظهرت المقاتلة الأميركية من الجيل التالي قدرات تخفي متقدمة وإمكانية التعاون مع الطائرات المسيرة، وذلك وفقاً لموقع EurAsian Times.
وفي الوقت نفسه، أصبحت البحرية الأميركية على وشك اختيار مقاول لبرنامجها للمقاتلة الشبحية من الجيل التالي التي تعمل على حاملات الطائرات، وهي المقاتلة F/A-XX، التي يمكن أن تؤدي إلى “تغيير التوازن العسكري العالمي”.
في المقابل، كشفت الصين نهاية العام 2024، النقاب عن طائرة J-36، وهي طائرة مقاتلة من الجيل السادس بدون ذيل، تتميز بقدرات فائقة على التخفي.
ويُعزز هذا التصميم التخفي والكفاءة الديناميكية الهوائية للمهام بعيدة المدى، ما يُشير إلى تحول كبير في الهيمنة الجوية لصالح الصين.
وأظهرت الصين أيضاً تقدماً ملحوظاً في تقنيات مكافحة التخفي، إذ تشير صور الأقمار الاصطناعية الملتقطة أواخر العام 2024 إلى أن بكين تُشيّد نظام رادار مضاد للتخفي في جزيرة تريتون ببحر الصين الجنوبي.
ويتوقع أن يعزز هذا النظام قدرات المراقبة الصينية، ما قد يشكل تحدياً للفعالية التشغيلية للطائرات الشبحية بالمنطقة.
وأفادت تقارير بأن علماء عسكريين صينيين طوّروا مادةً جديدةً للتخفي قادرةً على اختراق رادارات التخفي.
وأظهرت الاختبارات المعملية أن هذه الطبقة الرقيقة للغاية قادرةٌ على امتصاص الموجات الكهرومغناطيسية منخفضة التردد بفعالية من زوايا متعددة، وهو “إنجاز” كان يُعتبر سابقاً بعيد المنال.
وأكدت هذه التطورات التركيز العالمي على تطوير قدرات التخفي وتدابير مكافحة التخفي، ما يعكس الطبيعة العاجلة والتنافسية للتكنولوجيا العسكرية الحديثة.
وأحدثت تقنية التخفي تحولاً جذرياً في الحرب الجوية، فهي تُمكن الطائرات من التهرب من الرصد بواسطة الرادار والأشعة تحت الحمراء وأجهزة الاستشعار الأخرى، ما يسمح لها بالعمل في عمق المجال الجوي المتنازع عليه.
ومنذ ظهورها، وفرت تقنية التخفي ميزة تكتيكية مهمة، وأعادت صياغة الاستراتيجيات والمبادئ العسكرية.
وظهرت مؤخراً تقنيات مضادة للتخفي لكشف الطائرات الشبحية وتحييدها، ما خلق منافسة ديناميكية مستمرة.
ومع ظهور الجيل السادس من الحرب الجوية، يتوقع أن تتصاعد هذه المعركة، مدفوعةً بابتكارات متطورة من كلا الجانبين.
تطور تكنولوجيا التخفي
وتقلل تقنية التخفي، التي يطلق عليها غالباً “تقنية منخفضة الملاحظة”، من إمكانية اكتشاف الطائرة عن طريق تقليل المقطع العرضي للرادار RCS، والتوقيع بالأشعة تحت الحمراء، والانبعاثات الصوتية.
وتعود أصول تقنيات التخفي إلى الحرب العالمية الثانية مع الجهود الأولية مثل التمويه، لكنها اكتسبت شهرة في أواخر القرن العشرين.
ومثّلت طائرة F-117 Nighthawk “إنجازاً كبيراً”، بعدما شتّت تصميمها الزاوي متعدد الأوجه موجات الرادار، بينما امتصتها المواد الماصة للرادار RAM، ما قلل بشكل كبير من نطاق تغطية الرادار.
وأبرز نجاح طائرة F-117، خلال حرب الخليج عام 1991، إمكانات التخفي، إذ اخترقت الدفاعات العراقية لتوجيه ضربات دقيقة، دون أن يتم اكتشافها أو رصدها بالرادار.
وأدت التطورات اللاحقة إلى تحسين قدرات التخفي، لكن مع بداية القرن الحادي والعشرين، دمجت مقاتلات الجيل الخامس، مثل F-22 وF-35 Lightning II، بين التخفي والتنوع القتالي.
وتتميز طائرة F-22 بشكلها الانسيابي الأنيق، وحجرات الأسلحة الداخلية لتجنب النتوءات، وطبقاتها التي تقلل من ارتداد الرادار.
وتُعزز طائرة F-35 هذه الميزة من خلال دمج أجهزة الاستشعار، وقدرات الربط الشبكي، وتقليل بصمات الأشعة تحت الحمراء من خلال تصميم المحرك.
وتُجسد هذه الطائرات تطور التخفي من ميزة متخصصة إلى سمة أساسية للمقاتلات الحديثة، حيث تجمع بين انخفاض قابلية الرصد مع السرعة الفائقة، وإلكترونيات الطيران المتقدمة، ووظائف متعددة الأدوار.
تدابير مكافحة التخفي
ومع نضوج تكنولوجيا التخفي، طوّر الخصوم أساليب لاكتشاف هذه الطائرات المراوغة، مستغلين التوقيعات المتبقية فيها.
ومن أبرز الأساليب استخدام رادارات التردد المنخفض، مثل نطاقات VHF أو UHF.
وعلى عكس رادارات التردد العالي (نطاق X) التي تواجهها تصاميم التخفي، تكتشف أنظمة التردد المنخفض الأشكال الهيكلية الأكبر، متجاوزةً بعض تحسينات التخفي.
وعلى سبيل المثال يعمل رادار Nebo-M الروسي في هذه النطاقات، ما يُمكنه من رصد الطائرات الشبحية على مسافات أطول، لكن دقته المنخفضة تُحد من دقة الاستهداف، ما يتطلب دمجه مع أنظمة أخرى.
وتُقدم أنظمة البحث والتتبع بالأشعة تحت الحمراء IRST إجراءً مضاداً آخر، إذ تكتشف البصمات الحرارية الصادرة عن المحركات أو احتكاك هيكل الطائرة.
وتستخدم المقاتلات الحديثة، مثل Su-35 الروسية، نظام البحث والتتبع بالأشعة تحت الحمراء لتتبع الطائرات الشبحية، خاصةً أثناء استخدام الحارق اللاحق عندما ترتفع انبعاثات الأشعة تحت الحمراء.
وتُخفف تصاميم الطائرات الشبحية من هذا الأمر من خلال دروع العادم والتبريد، إلا أن الكبح الكامل لا يزال صعباً.
