حروب بلا جنود.. 8 دول تعزز قدراتها العسكرية بالذكاء الاصطناعي

تشهد الساحة العسكرية العالمية سباقًا محمومًا لاعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI)، حيث تستثمر عدة دول ملايين الدولارات لتعزيز قدرات جيوشها، ويُمكن لهذه التقنيات أتمتة العمليات العسكرية، وتسريع اتخاذ القرارات الاستراتيجية تحت إشراف بشري، مثل تحديد الأهداف ووضع خطط العمل، لكن رغم الفوائد الكبيرة، يُثير هذا التوجه مخاوف خبراء حول العالم.

مخاوف من “تحيز الأتمتة” وغياب الشفافية

حذرت آشلي ديكس، الباحثة القانونية والمستشارة السابقة للبيت الأبيض، من ظاهرة “تحيز الأتمتة”، حيث يميل البشر إلى الوثوق بتوصيات الذكاء الاصطناعي بشكل أعمى، نظرًا لاعتقادهم بأن هذه الأنظمة تمتلك معلومات أكثر وتُعالجها بكفاءة أعلى.

وأضافت أن أنظمة الذكاء الاصطناعي تشبه “الصناديق السوداء”، مما يصعّب فهم كيفية وصولها إلى استنتاجات معينة، وهو ما قد يُحدث تناقضًا بين حدس القادة العسكريين وتوصيات الآلة، وفقا لموقع كوارتز.

أبرز الدول الرائدة في الذكاء الاصطناعي العسكري

1. الولايات المتحدة: قفزة هائلة في الاستثمارات

شهدت العقود الفيدرالية الأمريكية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي نموًا بنسبة 1200% بين 2022 و2023، وفقًا لمؤسسة بروكينجز.

وركز البنتاغون على دمج الذكاء الاصطناعي في العمليات الدفاعية منذ 2021، بما في ذلك استخدام الأسلحة المستقلة وتقنيات الرؤية الحاسوبية. كما منحت الحكومة عقدًا لشركة “سكيل إيه آي” لتطوير نماذج عسكرية ضمن برنامج “ثندرفورج”، الذي يهدف إلى تحسين التخطيط العسكري ومحاكاة السيناريوهات الحربية.

2. إسرائيل: الذكاء الاصطناعي في حرب غزة

استخدم الجيش الإسرائيلي تقنيات الذكاء الاصطناعي منذ سنوات، لكنها برزت أكثر خلال الحرب على غزة، حيث تعاونت شركات مثل بالانتير وجوجل وأمازون مع الجيش الإسرائيلي ضمن مشروع “نيمبوس” البالغ قيمته 1.2 مليار دولار، رغم تحذيرات من استخدام هذه التقنيات في انتهاكات حقوق الإنسان.

كما كشفت تقارير عن اعتماد الجيش على أنظمة من مايكروسوفت وOpenAI لتحليل البيانات الاستخباراتية وتحديد الأهداف.

3. الصين: أولوية استراتيجية للقوات المسلحة

جعل الرئيس شي جين بينغ الذكاء الاصطناعي العسكري أولوية قصوى، حيث يستثمر جيش التحرير الشعبي في تطوير أنظمة للوعي الظرفي والأسلحة غير المأهولة. كما طور الجيش الصيني أداة “تشاتبيت” بناءً على نموذج ميتا “لاما”، لتحليل البيانات واتخاذ القرارات. مؤخرًا، بدأ استخدام نموذج الذكاء الاصطناعي من “ديب سيك” في المستشفيات العسكرية.

4. روسيا: الذكاء الاصطناعي في الحرب والتشويش

رغم محاولات روسيا تطوير أسلحة “خارقة” منذ 2018، إلا أن تقدمها في الذكاء الاصطناعي العسكري أبطأ من المتوقع. استُخدمت التقنية في الحرب على أوكرانيا، خاصة في التشويش الإلكتروني. وتشير تقارير إلى أن موسكو طلبت مساعدة الصين لتعزيز قدراتها.

5. أوكرانيا: طائرات مسيرة وأنظمة ذكية

تركّز أوكرانيا على تطوير طائرات مسيرة ذاتية التشغيل وأنظمة ذكاء اصطناعي لتحديد الأهداف وإزالة الألغام. تعاونت مع شركات مثل بالانتير ومايكروسوفت لتحليل الأضرار وتخطيط التعافي بعد الهجمات الروسية.

6. كوريا الجنوبية: مواجهة التهديدات الشمالية

تعمل سول على تعزيز قدراتها لمواجهة كوريا الشمالية، واختبرت مؤخرًا نظام “الذكاء الاصطناعي الدفاعي التوليدي” خلال مناورات عسكرية.

7. كوريا الشمالية: طائرات مسيرة بذكاء اصطناعي

أشرف كيم جونغ أون على اختبار طائرات مسيرة انتحارية مزودة بالذكاء الاصطناعي، مؤكدًا أولوية هذه التقنيات في التحديث العسكري. وتتلقى بيونغ يانغ دعمًا تقنيًا من روسيا في هذا المجال.

8. المملكة المتحدة: هدف “الجيش الجاهز للذكاء الاصطناعي”

أنشأت بريطانيا “مركز الذكاء الاصطناعي الدفاعي” في 2021، بهدف أتمتة المهام الخطيرة وتحسين القرارات العسكرية. لكنها لم تحقق بعد هدفها بأن تصبح “جاهزة للذكاء الاصطناعي” بحلول 2024، رغم التقدم في بعض المجالات.

سباقٌ تكنولوجي بمخاطر غير مسبوقة

يُعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل المشهد العسكري العالمي، لكنه يطرح تحديات أخلاقية وقانونية، خاصة مع غموض آلية عمل هذه الأنظمة وتأثيرها على حقوق الإنسان. ومع تسارع الاستثمارات، يبقى السؤال: هل يمكن تحقيق التوازن بين التقدم التكنولوجي والرقابة البشرية الفعالة؟