لا تمتلك حركة حماس أدوات ردع حقيقية أو ما يعرف بـ”توازن الرعب” لإيقاف إسرائيل، إذ تقتصر قدراتها على تكتيكات حربية وصواريخ محلية الصنع، إلى جانب شبكة أنفاق تدير من خلالها عملياتها العسكرية. غير أن هذه الأدوات، رغم فاعليتها في سياق المواجهة، لا تشكل خطرًا وجوديًا على إسرائيل، في حين أن الحرب تمثل تهديدًا وجوديًا لحماس وللشعب الفلسطيني.
المسار الدبلوماسي، على الرغم من أن القضية الفلسطينية تظل قضية عالمية تحظى بمواقف متفاوتة من دعم أو رفض أو حياد، لا يمكنه مجاراة الواقع العسكري وما يفرزه من خسائر بشرية مباشرة. في الماضي، استطاعت الدول العربية استخدام النفط كورقة ضغط، كما حدث في حرب أكتوبر 1973، لكن بعد ذلك، تمكن الغرب من نسج استثماراته بعمق داخل الاقتصادات العربية، مما قلّص قدرة الدول الخليجية على استخدام أصولها المالية—التي تشكل حوالي 32% من إجمالي الصناديق العالمية، أي نحو 4 تريليونات دولار—كأداة ضغط سريعة. إضافة إلى ذلك، فإن غياب موقف عربي موحد وتعدد المصالح الداخلية والخارجية يعقد أي إمكانية لاتخاذ قرار جماعي حاسم.
على صعيد المكاسب السياسية، أدت هذه الحرب إلى تعزيز الدعم الدولي للقضية الفلسطينية، وخلقت انقسامًا داخل الاتحاد الأوروبي، حيث دعمت إسبانيا وأيرلندا فلسطين، في مقابل مواقف أكثر تحفظًا من بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا. لكن في ظل التوترات الجيوسياسية الأوسع، خاصة مع تقارب أمريكا وروسيا، لا تُعدّ القضية الفلسطينية أولوية بالنسبة للأوروبيين، الذين ينصب اهتمامهم الأساسي على دعم أوكرانيا باعتبارها تمثل أمنهم القومي.
أما على المستوى العالمي، فإن القارتين اللاتينية والإفريقية تبديان دعمًا مستمرًا للقضية الفلسطينية، لكنه دعمٌ دبلوماسي لا يُترجم إلى ضغوط مباشرة. ورغم أن المحكمة الجنائية الدولية أدانت قادة إسرائيليين وطالبت بفتح تحقيقات، إلا أنها لم تصدر إدانات مباشرة لإسرائيل، وحتى إن فعلت، فإنها تفتقر إلى سلطة تنفيذية قادرة على فرض قراراتها.
يبدو أن الفلسطينيين يسعون إلى خلق عزلة دولية لإسرائيل من خلال كسب الرأي العام العالمي عبر إبراز كلفة الحرب الإنسانية، لكن هذا المسار، رغم أهميته، يظل طويل الأمد ولا يشكل ضغطًا فوريًا على تل أبيب
