في وقت بدأ فيه نحو مليون فلسطيني العودة إلى منازلهم المدمرة في شمال قطاع غزة في نهاية يناير الماضي، تحدث الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن واقع مغاير تماماً وهو إعادة إعمار غزة، لكن دون فلسطينيين، وذلك بنقلهم إلى الأردن أو مصر، رغم عدم قبولهما بذلك أو حتى دول أخرى.
وفي ولايته الثانية، طرح ترمب أفكاراً جديدة لإعادة رسم خريطة العالم، ففي البداية تطرق إلى شراء جزيرة جرينلاند، ثم ضم كندا لتصبح الولاية الـ51، إضافة إلى استعادة قناة بنما، وإعادة تسمية خليج المكسيك، والآن الاستيلاء والسيطرة على قطاع غزة الجيب الساحلي الفلسطيني المدمر.
ولم يخف ترمب، المطور العقاري السابق، إعجابه بقطاع غزة، إذ قال في السابق، إنه يمكن إعادة بناء القطاع المكتظ بالفلسطينيين، بشكل أفضل من موناكو، لتصبح ملاذاً للاثرياء في البحر الأبيض المتوسط.
وجدد ترمب إعجابه بتلك الفكرة، إذ قال خلال مؤتمر صحافي عقده في البيت الأبيض مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الثلاثاء، إن الولايات المتحدة “ستتحمل المسؤولية عنها. سنستولي على تلك القطعة ونطورها ونخلق آلاف وآلاف الوظائف، وستكون شيئاً يمكن للشرق الأوسط بأكمله أن يفخر به”.
وأضاف أن “موقف الملكية طويل الأمد للولايات المتحدة هو جزء من هذا المشروع، من شأنه أن يحقق استقراراً كبيراً في الشرق الأوسط”، موضحاً أنه لا ينوي إعادة غزة إلى الفلسطينيين، ولكنه سيجعلها “مكاناً للجميع”.
وعندما سُئل عمن سيعيش هناك، قال ترمب: “أتخيل أناس العالم يعيشون هناك، شعوب العالم. ستجعل ذلك مكاناً دولياً لا يصدق. وأعتقد أن الإمكانات الموجودة في قطاع غزة لا تصدق، ويمكن أن يصبح القطاع بمثابة ريفييرا الشرق الأوسط”.
وأجرت الإدارة الأميركية تعديلاً في توصيف “التطهير” الذي أشار له ترمب مسبقاً، إذ أدخل مبعوثه للشرق الوسط ستيف ويتكوف تغييراً ليجعله “إنسانياً” من خلال تصريحاته قال فيها إن “سكان قطاع غزة يعيشون بين آلاف الذخائر غير المنفجرة وأكوام من الأنقاض”.
لماذا يرغب ترمب في “إعادة توطين” سكان غزة؟
من وجهة نظر ترمب، فإن قطاع غزة، كان رمزاً للموت والدمار لعقود طويلة، وكان سيئاً جداً لكل من يعيش بالقرب منه، وخاصة لمن يعيشون فيه.
وأكد ترمب أن إعادة الإعمار “لا ينبغي أن تجري في ظل نفس الأشخاص الذين عاشوا هناك، وقاتلوا من أجل القطاع، وماتوا هناك، وعاشوا حياة بائسة فيه”.
وقال ترمب: “لدي وجهة نظر مختلفة تماماً عن غزة. أعتقد أنه ينبغي أن يحصلوا على قطعة أرض جديدة وجميلة، ونحصل على بعض الأشخاص لتمويل بنائها وجعلها مكاناً صالحاً للعيش، جميلاً، وممتعاً. إذا قالوا إنهم لا يريدون، لا أعرف كيف يمكن أن يرغبوا في البقاء. إنها منطقة دمار شامل، مجرد موقع مُدمر بالكامل”.
وأضاف: “إذا استطعنا العثور على قطعة الأرض المناسبة، أو عدة قطع أراضٍ، وبناء أماكن جيدة جداً لهم مع وجود تمويل وفير في المنطقة، وهذا أمر مؤكد، فأعتقد أن ذلك سيكون أفضل بكثير من العودة إلى غزة، التي شهدت عقوداً من الموت والدمار”.
أين سيذهب سكان غزة؟
وقال ويتكوف ومستشار الأمن القومي، مايك والتز، إن الإدارة الأميركية تُقر بأنه سؤال كبير، فيما كشفا أن الإدارة على تواصل مع عدد من الحلفاء في المنطقة و”علينا أن نجد حلاً جماعياً لهذه المشكلة”.
ويعتبر والتز، أن زيارة ملك الأردن، عبد الله الثاني، المقررة الأسبوع المقبل إلى واشنطن والاتصال مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وانخراط ترمب الكامل في الملف “سيمكنهم من التوصل إلى بعض الحلول العملية والواقعية لما هو بلا شك وضع صعب للغاية”.
وكان ترمب حاسماً بشأن قبول الأردن ومصر استقبال سكان غزة، لكنه لاحقاً أضاف أن دولاً أخرى ستقبل بذلك.
ويصر الرئيس الأميركي على أن القاهرة وعمّان، رغم تصريحاتهما الرافضة، ستقبلان، قائلاً إن “ملك الأردن عبد الله الثاني، والجنرال رئيس مصر عبد الفتاح السيسي، سيفتحان قلبهما وسيمنحوننا الأرض التي نحتاجها لإنجاز هذا المشروع. وسيمكن للناس العيش في وئام وسلام”.