أصبحت المنافسة من أجل تصدر سباق السيطرة على تقنيات الذكاء الاصطناعي AI، واحدة من أكثر الصراعات الجيوسياسية أهمية في القرن الواحد والعشرين، ومع تسارع تقدم هذه التكنولوجيا، فإن تأثيراتها على الاقتصاد، والأمن الوطني، والهياكل المجتمعية للدول ستكون هائلة.
ومع تغلغل تأثير الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية للبشر، أصبح السؤال بشأن السيطرة على هذه التقنية يثير المخاوف لدى الكثيرين، خاصة حال سيطرت دولاً على هذا المجال، ما يطرح موضوعاً للنقاش بين صناع السياسات، والعلماء، والخبراء على حد سواء.
وعلى الرغم من أن أي دولة لا يمكنها ادعاء السيطرة المطلقة على الذكاء الاصطناعي، إلا أن العديد من الدول تتسابق من أجل أن تكون الرائدة في هذا المجال.
وفيما يلي نظرة على أبرز الدول التي تتنافس للسيطرة على الذكاء الاصطناعي والعوامل التي ستحدد نجاحها:
الولايات المتحدة.
تعتبر أميركا منذ زمن بعيد قوة رائدة في التقنيات المتطورة، والذكاء الاصطناعي ليس استثناءً من ذلك، إذ يعتبر “وادي السيليكون” Silicon Valley، هو مركز أبحاث الذكاء الاصطناعي، حيث تدفع الشركات التقنية الكبرى مثل “جوجل” و”مايكروسوفت” وOpenAI حدود الابتكار في هذا المجال.
وتتمتع الولايات المتحدة أيضاً بدعم جامعات ومؤسسات بحثية من بين الأفضل عالمياً، مما يساهم في التقدم في خوارزميات الذكاء الاصطناعي، والتعلم، والروبوتات.
علاوة على ذلك، اعترفت الحكومة الأميركية بأهمية الذكاء الاصطناعي الاستراتيجية. ففي عام 2021، أصدرت إدارة الرئيس السابق جو بايدن استراتيجية للذكاء الاصطناعي تركز على تعزيز الأبحاث والتطوير في هذا المجال، وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
ومن الأسباب التي عززت هيمنة أميركا على تقنيات الذكاء الاصطناعي النظام البيئي القوي لرأس المال الاستثماري، الذي يساعد في تمويل الشركات الناشئة المبتكرة.
ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة تواجه تحديات في ضمان حوكمة أخلاقية للذكاء الاصطناعي. قد يشكل غياب تنظيم شامل لهذه التقنيات تهديدات في المستقبل، مثل قضايا الخصوصية والتحيز وفقدان الوظائف.
كما أن المخاوف المتزايدة بشأن أنظمة المراقبة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة قد تؤدي إلى تشديد اللوائح، مما قد يبطئ الابتكار والتطور لهذه التقنيات الواسعة.
الصين
من ناحيتها، تعد الصين المنافس الأكثر قدرة على تجاوز الولايات المتحدة في ما يتعلق بقيادة هذا المجال، إذ جعلت بكين الذكاء الاصطناعي جزءاً أساسياً من استراتيجيتها الوطنية طويلة الأمد، حيث تهدف إلى أن تصبح الرائدة عالمياً في هذا المجال بحلول عام 2030.
واستثمرت الصين بشكل هائل في أبحاث وتطوير الذكاء الاصطناعي، وتمويل الشركات المملوكة للدولة، والشركات الخاصة، والمؤسسات الأكاديمية.
وتكمن ميزة الصين في مواردها الهائلة من البيانات. مع وجود أكثر من 1.4 مليار شخص، تمتلك بكين قدرة غير مسبوقة على جمع واستخدام البيانات، وهي مكون أساسي لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي.