اقتصاد الظل في لبنان: بين النزاعات المسلحة والاستقرار

يشكل اقتصاد الظل ظاهرة تتخذ حيّزا” كبيرا” في صلب النشاط الاقتصادي غير الرسمي في لبنان، هو مجموع الأنشطة الاقتصادية غير الشرعية أو غير المشمولة ضمن حسابات الناتج المحلي الإجمالي للحكومة التي لا تخضع للضريبة يمارسها أفرادا” أو كيانا” مؤسسّي.

بفعل نزيف الأزمات التي عاشها لبنان شكّل اقتصاد الظل بيئة خصبة لتنامي الأنشطة غير القانونية ، لطالما ارتبط هذا القطاع بتمويل النزاعات المسلحة من خلال التهريب والتجارة غير المشروعة حيث استخدمت الحدود اللبنانية لتهريب السلع بما فيها الأسلحة والوقود والأدوية أضف الى ذلك غسيل الأموال الناتجة عن تجارة المخدرات والدعم الخارجي عبر قنوات غير رسمية  اعتمدها بعض الفاعلين المحليين خارج إطار الأنظمة المصرفية التقليدية شكلت دول الجوار بيئة حاضنة عابرة للحدود تضمن توسعه وازدهاره.

هذه العوامل والتفاعلات التي حكمت حركة وتطوّر هذا النسق الإقتصادي انعكست بشكل خطر على الاقتصاد اللبناني وأفقدت الدولة جزءا” كبيرا” من إيراداتها نتيجة لغياب الرقابة الضريبية على الأنشطة غير الرسمية بالإضافة إلى التأثير على الإستقرار السياسي بفعل التوترات الطائفية من خلال دعم الأجندات السياسية التي أدّت إلى إضعاف مؤسسات الدولة وتقويض قدرتها على تقديم الخدمات العامة فضلا” عن تعزيز نفوذ الجماعات المسلحة وتعزيز سيطرتها على المناطق المهمشة الأمر الذي أدّى إلى تعطيل الإقتصاد الرسمي وعوّق جهود التنمية والاصلاح الاقتصادي.

لمواجهة هذه التحديات يحتاج لبنان إلى تبني استراتيجية شاملة تتمثل بالالتزام بتطبيق القرارات الدولية أهمها القرار ١٧٠١ الذي يفرض بسط سيادة الدولة على الحدود ومكافحة التهريب بأنواعه وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة تمويل الارهاب و تفعيل دور المؤسسات الأمنية الرسمية التي تحظى بثقة المجتمع الدولي .

اقتصاد الظل الذي يشكل ظاهرة عابرة للحدود كان سببا” في تقويض سيادة الدولة وتفاقم وتيرة الاضطرابات السياسية والاجتماعية تستوجب معالجته وجود ارادة سياسية محلية جامعة والالتزام بتطبيق القرارات الأممية وتضافرا” للجهود والتعاون الدوليين لتحقيق الاستقرار المستدام بما يضمن أمن لبنان والمنطقة.