هل هناك لغات غير سامية ثبت وجودها في الجزيرة العربية؟

لم يكشف أي من علماء اللغة والباحثين في المكتشفات الأثرية في تلك المناطق عن وجود أي ملامح للغات أخرى ظهرت في نقوش أو رسائل معينة أو آثار تناقلتها الأجيال. وفي هذا الإطار لا يمكننا أن نعد اللغة المصرية القديمة فرعًا من اللغات السامية؛ وذلك لأنها تختلف معها في أمور جوهرية واضحة. لكن يرى بروكلمان (Carl Brockelmann 1977) أن اللغة المصرية القديمة ربما كانت، في وقت موغل في القدم، ضمن أسرة اللغات السامية، لكنها انفصلت عنها في مرحلة مبكرة جدًا، واستقلت بنفسها، وذلك بسبب اختلاط الساميين المهاجرين من قلب الجزيرة العربية وأطرافها بالسكان الأصليين لنهر النيل الذي امتاز – وفق ما يبدو – بدرجة عالية من التقدم والتطور، لم تمكن المهاجرين الساميين من السيطرة على السكان الأصليين وإكسابهم اللغة السامية، لذلك طُبع المهاجرون بلغة السكان الأصليين، “اللغة المصرية القديمة”.

ولا بد هنا من ذكر بعض المجموعات اللغوية التي وجدت في محاذاة المجموعة السامية،غير أنها لم تستطع أن تنسجم معها أو أن تطغى عليها؛ ربما للبعد المكاني، أو لعدم القدرة على هيمنة إحداها على الأخرى. ومثال هذه اللغات؛ اللغات المندرجة تحت مجموعة اللغات الحامية، مثل: لغات البربر في الشمال الأفريقي، واللغات المسماة بـ “لغات الكوشيين”.

إن البحث في اللغات الحامية، عمومًا، لم يستوِ بعد على سوقه ليقنع الباحثين بحقيقة هذه اللغة، وهل كانت في فترة من الفترات جزءًا من لغة واحدة تشترك فيها مع اللغات السامية، ولا سيما أننا لا نعرف من اللغات القديمة إلا ما هي عليه الآن، وإنَّ ما وصلنا منها بصورته القديمة لا يعدُّ كافيًا؛ لأن تناوله بالدرس، ومن ثم الخروج بمقارنات وعلامات فارقة، يمكننا من وضع السمات المميزة لهذه اللغات، وبيان مدى قرابتها من اللغات السامية، وإن سبب الجدال الحاصل في مسألة علاقة الأسرة الحامية بالأسرة السامية يرجع إلى عدم وجود خصائص مشتركة، نحو تلك التي تجمع اللغات المنضوية تحت الأسرة السامية.