ولكم في ليبيا عبرة أيها السوريون

سقط الأسد أخيرا بعد مايقارب ال14 سنة من القتال، عاش خلالها السوريون سنوات صعبة جدا، لقد كانت سنوات مليئة بالإنقسامات والمجازر والإرهاب وكل ماهو بشع، أما اليوم  فمشاهد الإحتفالات تغزو أرض الشام بعد أنتهى حكم بشار الأسد وانتهى معه كل الطغيان والظلم، ومن حقهم الإحتفال، لكن سقوط الأسد بقدر ماهو إنجاز كبير يحسب للمعارضة، إلا أن مرحلة مابعد الأسد تعتبر أصعب بكثير، وتحتاج رجال دولة حقيقيين لهمكلمة مسموعة بين جميع الأطراف، وكل ذلك من أجل تفادي تكرار السيناريو الليبي.

قد تبدوا المشاهد في سوريا اليوم مألوفة جدا لدى الكثيرين، فبعد سقوط القذافي في سنة 2011 شهدت ليبيا نفس الأحداث والإحتفالات بهذا الإنتصار الكبير على الدكتاتورية كما وصفت آنذاك، لقد كانت نفس المشاهد حرفيا، بالتالي إن المعارضة السورية أمام تحد كبير جدا يتطلب صرامة وحنكة سياسية من أجل الحفاظ على المسار الصحيح من أجل إعاجة بناء سوريا موحدة ومستقلة، وتتضمن أهم التحديات:

– نبذ الطائفية:

لقد كانت القبلية أحد الأسباب التي ساهمت في انقسام ليبيا، وعلى السوريين اليوم نبذ الطائفية أينما كانت والتعامل مع الجميع كمواطنين سوريين بالدرجة الأولى، لأن التمييز بين الطوائف قد يخلق أجواء مشحونة لا يعلم أحد متى قد تنفجر.

– تشكيل قيادة قوية:

إن ضعف الحكومة المركزية من شأنه أن يزيد من خطر الإنفلات الأمني في جميع أنحاء البلاد، خاصة وأن سوريا مليئة بالفضائل المسلحة، والتي تحتاج إلى قيادة قوية تساهم في توحيدها، بالتالي اليوم هو الوقت المناسب لظهور القادة الحقيقيين، وأي تأخير قد يزيد من الوضع سوءا.

– تقديم مصلحة الوطن على باقي المصالح

إن المرحلة التي تمر بها سوريا بعد سقوط الأسد تعتبر من أشد المراحل أهمية في قيادة الدولة نحو بر الأمان، وعلى المتحكمين في زمام الأمور اليوم التركيز بشكل كبير على تقديم مصلحة سوريا قبل المصالح الشخصية، وقد كان الصراع  على القوة والثروة في ليبيا كذلك من أهم العوامل التي ساهمت في فشل الدولة ووصولها إلى ماهي عليه اليوم.

– خلق رؤيا وطنية مشتركة

سيكون من الصعب خلق رئيا وطنية مشتركة بين القوى السياسية والعسكرية في سوريا، لكن على الجميع العمل من أجل ذلك، لأنه لا وجود لخيار آخر غير الإتفاق، ومن الضروري تقديم تنازلات من كل الأطراف لأجل المصلحة الوطنية والشعب السوري الذي عانى بما فيه الكفاية.

 

– إعادة تشكيل الجيش

إن عملية السيطرة على جميع الفصائل المسلحة ومحاولة دمجها تحت قيادة موحدة من أجل تشكيل جيش وطني، ستكون خطوة مشجعة على حفظ الإستقرار وإنشاء قوة وطنية تشاهم في القضاء على الميليشيات المتطرفة والجماعات الإرهابية.

 

إن كل النقاط المذكورة سابقا، هي نقاط محورية ستساهم بشكل كبير في توضيح مسقبل سوريا الأمني، كما أن قادة المرحلة الإنتقالية يتحملون كل المسؤولية في قيادة سوريا إما للسلام، وإما لدوامة من الحروب الأهلية التي لا نهاية لها مثلما حدث في ليبيا،بالتالي على الجميع التفكير مرتين قبل اتخاذ أي خطوة من شأنها أن تحيد عن المسار الصحيح للسلام، كما يجب على الجميع الأخذ بعين الإعتبار أن إسرائيل لن يعجبها قيام دولة سورية قوية مرة أخرى، وستعمل على خلق المزيد من الفوضى إذا مالقيت طريقا لذلك، وعلى هذا الأساس وكما ذكرنا سابقا، إن قادة المرحلة الإنتقالية يتحكمون بمصير أمة بأكملها وعليهم أن يكونوا على قدر المسؤولية.