شهدت كوريا الجنوبية الثلاثاء، أزمة سياسية قد تكون هي الأكبر منذ عقود، بعدما أعلن الرئيس يون سوك يول الأحكام العرفية وبدأ الجيش تحركاته لحظر جميع الأنشطة السياسية بما في ذلك أنشطة الجمعية الوطنية (البرلمان) الذي مرر مشروع قانون بالأغلبية يطالب بـ”رفع الأحكام العرفية”.
وبعد أن تراجع يون عن قراره ورفع الأحكام العرفية بعد 6 ساعات من مواجهة محتدمة بين البرلمان والجيش، أعلن وزير الدفاع الكوري الجنوبي، تقديم استقالته إلى الرئيس الذي قبلها صباح الخميس.
وتولي كوريا الجنوبية اهتماماً كبيراً وخاصاً لتطوير قدرات جيشها، الذي يحتل مكانة متقدمة في ترتيب أقوى 10 جيوش حول العالم.
وذكر موقع Military FirePower، أن كوريا الجنوبية تأتي في المرتبة الخامسة بين أقوى 10 جيوش في العالم، متفوقة على الدول الأوروبية، عدا روسيا.
ويوجد نحو 600 ألف عسكري من كوريا الجنوبية في الخدمة الفعلية، بينما يتواجد 3.1 مليون آخرين على قوة الاحتياط.
وتتفوق كوريا الحليف البارز للولايات المتحدة داخل آسيا، في تطوير المركبات الأرضية، وخاصة الدبابة K-2 Black Panther، التي تنافس على لقب الدبابة الأقوى في العالم.
وتنشر كوريا الجنوبية أحدث طائرات الجيل الخامس الأميركية، لتعزز قوة أسطولها الجوي بشكل كبير، والتي تعتبر رأس الحربة في أي صراع محتمل مع كوريا الشمالية.
ودفعت الحرب في أوكرانيا إلى تسليط الضوء على القوى الأوروبية الكبرى التي تعد من بين أكبر المنفقين على قواتها المسلحة، إلا أنها لا تستطيع ترجمة مواردها المالية إلى قوة عسكرية ذات كفاءة عالية.
ويرى بينس نيميث، المحاضر في قسم دراسات الدفاع بكلية كينجز لندن، أن “كوريا الجنوبية وجيشها قد يقدمان بعض الدروس المفيدة للأعضاء الأوروبيين في حلف شمال الأطلسي (الناتو)”.
وأضاف نيميث لموقع Taylor and francis، أن “سول تمتلك جيشاً قوياً ذا قوة مسلحة وقوة نيران ومدرعات أكبر من الجيوش الأوروبية”.
وتنتج كوريا الجنوبية أنظمة أسلحة عالية الجودة، وتجري تدريبات عسكرية أكبر من “الناتو”، رغم أن ميزانيتها الدفاعية أقل من القوى الأوروبية.
ومع أن بريطانيا وألمانيا وفرنسا يعتبرون خامس وسابع وثامن أكبر المنفقين على الدفاع في جميع أنحاء العالم، إلا أن كوريا الجنوبية قادرة على الحفاظ على قوة وجاهزية عسكرية أعلى بكثير من شركائها الأوروبيين.
ولا يدرك أغلب الأوروبيين حجم القدرات العسكرية التقليدية التي تمتلكها كوريا الجنوبية. فمثلاً، لا يعلم كثيرون أنها تمتلك ثاني أكبر قوة مدفعية بعد كوريا الشمالية، وتقدر بنحو 12 ألف قطعة مدفعية.
وبالمقارنة، تمتلك الصين 9 آلاف و500 قطعة مدفعية، والولايات المتحدة 5 آلاف، وروسيا 4 آلاف و400، وبريطانيا 570، وفرنسا 245 قطعة مدفعية.
ولا تمتلك كوريا الجنوبية عدداً كبيراً من أنظمة الأسلحة فحسب، بل تنتج أيضاً أسلحة عالية الجودة. وغالباً ما يُعتبر مدفع K9 Thunder الذي طورته كوريا الجنوبية، وهو من طراز Howitzer ذاتي الحركة بقطر 155 ملم مزود بنظام تحميل أوتوماتيكي يسمح بمعدل إطلاق مرتفع، وهو الأفضل في فئته.
ووصلت سلسلة K9 إلى حصة سوقية تبلغ 52% عالمياً في سوق مدافع Howitzers ذاتية الحركة.
وعملت سول على توزيع حوالي 1100 وحدة في الداخل، وبيع أكثر من ألف وحدة إلى دول أخرى منهم أعضاء في حلف شمال الأطلسي مثل إستونيا وفنلندا والنرويج وبولندا وتركيا.
ويتوقع أن تنهي رومانيا عقدها لشراء K9s عام 2024. ويظهر سلاح K9 كيف يتخلف الأوروبيون مقارنة بالدول الأخرى من حيث إنتاج الأسلحة، وتوليد القدرات العسكرية على نطاق واسع وبسرعة.
وتشتري كوريا الجنوبية 80% من أسلحتها من مصانع محلية، بما في ذلك الطائرات المقاتلة، ودبابات القتال الرئيسية، والمركبات المدرعة، والسفن الحربية، والغواصات.
وأصبحت سول تعتمد على إمكانياتها بشكل متزايد في أنظمة الصواريخ، إذ تعتبر أنظمة الأسلحة الكورية الجنوبية جيدة أو أفضل من أنظمة نظيراتها الغربية.
tمثلاً، تعتبر دبابة القتال الرئيسية الكورية الجنوبية K2 Black Panther على قدم المساواة مع دبابة Leopard 2 الألمانية، كما يتنافس نظام إطلاق الصواريخ المتعددة K239 Chunmoo (MLRS) مع نظام HIMARS الأميركي.
القدرات البرية
وتعتبر كوريا الجنوبية، من بين الأبرز عالمياً في امتلاك قدرات برية لا يستهان بها، خاصة مع امتلاكها ثاني أكبر قوة مدفعية بعد كوريا الشمالية، وأحدث الدبابات القتالية.
وقال موقع Military FirePower، إن كوريا الجنوبية تمتلك أكثر من ألفي دبابة جاهزة للتشغيل، وما يزيد عن 53 ألف مركبة، ونحو 465 مدفعية صاروخية MLRS.
وتعتبر دبابة K-2 Black Panther، العنصر الأبرز في القدرات البرية لكوريا الجنوبية.
“الفهد الأسود”
تعد دبابة القتال الرئيسية الكورية الجنوبية K2 Black Panther “الفهد الأسود”، واحدة من أكثر المركبات المدرعة تقدماً على مستوى العالم، إذ تنافس نظيراتها الغربية مثل الأميركية M1 Abrams، و الألمانية Leopard 2، والبريطانية Challenger 2.
وأطلق خبراء على هذه الدبابة لقب “الأفضل على وجه الأرض”، رغم تشكك البعض في قدراتها، بحسب مجلة The National Interest.
وجرى تصميم K2 بواسطة شركة Hyundai Rotem، وهي مزودة بمدفع ألماني من طراز Rheinmetall CN08 120 مم/L55، ودروع مركبة متقدمة، ما يعزز من قدرتها على البقاء في القتال وفعاليتها.
وتتضمن الترقيات الأخيرة في إطار نسخة K2 PIP، وحدة تعليق شبه نشطة في الذراع، ونظام مسح تضاريس عالي الدقة، ودروع تفاعلية غير متفجرة.
وفي عام 2023، وافقت كوريا الجنوبية على صفقة بقيمة 1.5 مليار دولار لإنتاج دبابات K2 إضافية، ما يعزز من قدراتها العسكرية.
وأشارت سول، إلى أنه من خلال الحصول على دبابات K2 إضافية، يتوقع منها المساهمة بشكل كبير في تعزيز قدرات حرب المناورة الهجومية.
وذكرت المجلة الأميركية، أنه في حين أن الدبابات الغربية الصنع مثل الدبابات الأميركية M1 Abrams، والألمانية Leopard، والبريطانية Challenger، تتصدر قائمة المركبات المدرعة المتطورة، لا تقل دبابة القتال الرئيسية الكورية الجنوبية K2 Black Panther أهمية وقدرة عن أي من هذه الدبابات.
وأضافت أنه يمكن اعتبار سلسلة الدبابات الكورية الجنوبية أفضل من بعض نظيراتها الأكثر تطوراً.
وتشكل “حرب الدبابات” جانباً كبيراً من المعارك في الغزو الروسي لأوكرانيا، ما أجبر الدول على التفكير في تمويل لتطوير دبابات القتال الحالية أو تقديم أنظمة جديدة.
ووضع تصور سلسلة K2 لأول مرة منذ نحو عقد تقريباً، كجزء من جهود كوريا الجنوبية لحماية الإنتاج المحلي في أوقات الحرب، والحد من الاعتماد على الحلفاء الأجانب في أنظمة الأسلحة الحديثة.
وبينما ركزت سول في البداية على تطوير نسخة معدلة من دبابة القتال الرئيسية الأميركية M48، إلا أنها غيرت مسارها في النهاية، وبدأت العمل على نموذج أولي محلي الصنع جديد كلياً.
وصممت شركة Hyundai Rotem، الدبابة K2 Blank Panther بشكل كامل للجيش الكوري الجنوبي، إذ تتميز بمحمل آلي يتم وضعه في الجزء الخلفي من البرج، فضلاً عن المدفع الألماني Rheinmetall CN08 120 مم/L55.
وتعتبر أفضل سمات الدبابة Black Panther، هي دروعها المركبة المتطورة، والتي تمنحها مستوى لا مثيل له من القدرة على البقاء، كما تتميز بنظام تحذير من اقتراب الصواريخ، وتمتلك أجهزة استشعار متقدمة أخرى أيضاً.
وللحفاظ على التميز بين المنافسين، خضعت Black Panther لبعض عمليات تحديث التصميم خلال السنوات الأخيرة. وقالت مجلة The National Interest، إن أحدث إصدار من الدبابة K2 PIP، “مليء بالبراعة” إذ تتميز بوحدة تعليق شبه نشطة مطورة في الذراع، ونظام مسح تضاريس عالي الدقة، ودروع تفاعلية غير متفجرة.
وجرى تجهيز نماذج K2 الأحدث الأخرى التي تم إنتاجها العام الماضي، بحزمة طاقة هجينة تتكون من ناقل حركة RENK، ومحرك طورته شركة Doosan Infracore، إذ فشل ناقل الحركة الأوتوماتيكي المحلي الذي طورته شركة S&T Dynamics في اختبارات المتانة.
K9 Thunder
يعد مدفع K9 Thunder، من بين أبرز المعدات العسكرية في الجيش الكوري الجنوبي، ونجحت في تصديره إلى دول أوروبية وعربية.
وهو مدفع من نوع Howitzer ذاتي الحركة عيار 155مم/52 طورته شركة Hanwha Techwin، المعروفة سابقاً باسم Samsung Techwin، للقوات المسلحة الكورية الجنوبية، بحسب موقع Army Technology.