هل تصمد حاملات الطائرات الأميركية أمام أسلحة المستقبل؟

تعمل الصين على بناء قدرات صاروخية لضرب الأصول العسكرية الأميركية في القواعد بغرب المحيط الهادئ حتى جزيرة جوام، حيث أنها تدرك أن حاملات الطائرات الأميركية، تعد الوسيلة الوحيدة الأخرى لحشد القوة الجوية ضد البر الرئيسي الصيني، وفق موقع EurAsian Times.

ومع انخراط واشنطن وبكين في منافسة بين القوى العظمى بمنطقة المحيطين الهندي والهادئ وما وراءها، فإن السيناريو المحتمل قد يتضمن تحليق قاذفة صينية فوق غرب المحيط الهادئ، وإطلاق صواريخ مضادة للسفن تفوق سرعتها سرعة الصوت، ما يؤدي إلى إغراق الأنظمة الدفاعية على هيكل حاملة الطائرات وتعطيلها.

وتجري الصين حالياً عمليات بناء صواريخ قاتلة لحاملات الطائرات، بما في ذلك الصواريخ الأسرع من الصوت، كما تمتلك مخزوناً من الصواريخ جو-جو بعيدة المدى، لإبقاء طائرات الإنذار المبكر والمراقبة الجوية الأميركية وطائرات التزويد بالوقود في الجو بعيدة عن منطقة العمليات.
ورغم أن حاملة الطائرات تشكل بلا شك منصة ضخمة لنقل القوة الجوية إلى أراضٍ بعيدة، فإنها مكلفة للغاية وتحتاج إلى أسطول ضخم لحمايتها، كما أن فقدانها قد يؤثر سلباً على الفخر الوطني والمعنويات العسكرية.

وظهرت اتجاهات تطالب بإعطاء القوات البحرية الأميركية الأولوية لتمويل حاملات الطائرات والغواصات والمنصات البحرية غير المأهولة، ورغم أن المناقشة بين حاملات الطائرات والقوة الجوية القائمة على الشاطئ قديمة، إلا أنه أمر يستحق إعادة النظر بشأنه مع تقدم تكنولوجيا الأسلحة الهجومية بعيدة المدى.

وتشكل الأسلحة الأسرع من الصوت تهديداً فريداً مقارنة بالصواريخ الباليستية والمجنحة التقليدية بسبب سرعتها العالية وقدرتها على المناورة، فيما تتمتع الصواريخ المجنحة التقليدية أيضاً بالقدرة على المناورة، لكن أنظمة التنفس بالهواء الخاصة بها تطير عادةً بسرعات دون سرعة الصوت.

حاملات الطائرات الأميركية

وطورت البحرية البريطانية واليابانية والأميركية حاملات الطائرات المبكرة، وبحلول الحرب العالمية الثانية، كان لدى البحرية الأميركية 35 حاملة طائرات.

وخلال الحرب الباردة، تم بناء حاملات طائرات عملاقة، وكانت Enterprise (CVN-65) أول حاملة طائرات تعمل بالطاقة النووية، بينما أصبحت John F. Kennedy (CV-67) آخر حاملة طائرات تعمل بالطاقة التقليدية، وتبعتها فئة Nimitz وحاملات الطائرات النووية العملاقة من فئة Gerald Ford التي ظهرت بعد الحرب الباردة، وهما الفئتان الوحيدتان من حاملات الطائرات العملاقة في الخدمة الفعلية حالياً.

وتمتلك الولايات المتحدة حالياً 11 حاملة طائرات عملاقة، 3 منها قيد التجهيز أو الإنشاء، وتم طلب واحدة أخرى.
وتعد حاملة الطائرات الأميركية Gerald Ford، أكبر حاملة طائرات في العالم، حيث يبلغ وزنها الإزاحي 100 ألف طن، وتتكون من 25 طابقاً، ويمكنها حمل حوالي 80 طائرة، فيما تقدر كلفتها بنحو 12.8 مليار دولار، بالإضافة إلى 4.7 مليار دولار للبحث والتطوير.

وتمتلك البحرية الأميركية 9 سفن هجومية برمائية، تُستخدم في المقام الأول للطائرات المروحية، كما تحمل كل سفينة ما يصل إلى 20 طائرة مقاتلة عمودية أو قصيرة الإقلاع والهبوط (V/STOL) وهي مماثلة في الحجم لحاملات الأسطول المتوسطة الحجم.

ومنذ مارس 2024، تدير 14 قوة بحرية 47 حاملة طائرات نشطة في جميع أنحاء العالم، فيما تدير كل من الهند وبريطانيا والصين حاملتي طائرات، بينما تشغل كل من فرنسا وروسيا حاملة طائرات واحدة بسعة تتراوح من 30 إلى 60 مقاتلة.

دفاعات حاملات الطائرات

وتتعرض السفن الكبيرة بشكل كبير لخطر الصواريخ المجنحة عالية السرعة والأسرع من الصوت، إذ تنشر هذه السفن أنظمة دفاع جوي ذاتية لضمان بقائها وتمكينها من أداء مهامها.

وعادة ما يتم الدفاع عن حاملة الطائرات من خلال دفاعات متعددة الطبقات، كما يتم دمج رادارات للإنذار المبكر على السفن التي تشكل جزءاً من مجموعة حاملة الطائرات ومنصات الإنذار المبكر المحمولة جواً التي تقدم إنذاراً مبكراً.
كما تمتلك سفن مجموعة حاملات الطائرات أسلحة دفاع جوي لمواجهة التهديد قبل وصوله إلى حاملة الطائرات. وتحافظ الطائرات الموجودة على متن حاملات الطائرات على مسافات آمنة ضد التهديد المتطفل، وتحتفظ حاملة الطائرات نفسها بأنظمة دفاع ذاتي متعددة الطبقات لمواجهة الطائرات والصواريخ. ويتم تجهيز حاملات الطائرات الحديثة بأسلحة طاقة موجهة.

الأسلحة فرط الصوتية

ويمكن للأسلحة الأسرع من الصوت أن تسافر بسرعة تتراوح بين 5 و25 ضعف سرعة الصوت، إذ تعتبر تكنولوجيا ثورية قادرة على الضرب في وقت قصير من خلال توفير دقة الأسلحة التي تكاد تكون معدومة الخطأ، وسرعة الصواريخ الباليستية، والقدرة على المناورة التي تتمتع بها صواريخ كروز.

ويوجد نوعان من الأسلحة الأسرع من الصوت وهما: المركبات الانزلاقية الأسرع من الصوت (HGV)، التي تنزلق عبر الغلاف الجوي بسرعات عالية بعد مرحلة الإطلاق الباليستية الأولية، والصواريخ المجنحة الأسرع من الصوت (HCM)، التي تستخدم محركات تتنفس الهواء مثل محركات سكرامجيت للوصول إلى سرعات عالية.

وتمتلك روسيا أسلحة فرط صوتية جاهزة للعمل، وقد استُخدمت مراراً في أوكرانيا. ويمكن إطلاق صاروخ Kinzhal من مقاتلات MIG-31 وSu-34، كما تعمل موسكو على تطوير صاروخ كروز فرط صوتي يطلق من السفن قادر على ضرب أهداف برية وبحرية.
أما الصين، فتمتلك برنامجاً متقدماً للغاية للأسلحة الأسرع من الصوت، بينها صاروخ DF-ZF HGV الذي يمكنه الطيران بسرعات تفوق سرعة الصوت وضرب الهدف المحدد.

ومن الدول الأخرى التي تطور مثل هذه الأسلحة كل من أستراليا والبرازيل وفرنسا وألمانيا وإيران واليابان وكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية وبريطانيا.

كما اختبرت الهند بنجاح صاروخاً فرط صوتي بعيد المدى تم تطويره محلياً في 17 نوفمبر الماضي، ما يجعلها من بين الدول القليلة الأولى في هذا المجال، كما تمتلك برنامجاً لمركبات العرض التكنولوجي فائق السرعة وتعمل على إنتاج صاروخ BrahMos 2 فائق السرعة.

وتعمل شركة HTNP Industries الناشئة في القطاع الخاص والمتخصصة في التكنولوجيا العميقة على تصميم وتطوير وتصنيع صاروخ HGV-202F، والذي تم تصميمه ليتم تركيبه على صاروخي Agni-V وAgni-VI.

وتسمح المناورة لتلك الصواريخ بتغيير مسارها حتى الدقائق الأخيرة من الرحلة وتحقيق درجة عالية من الدقة في الاستهداف، وحتى المركبات الثقيلة يمكنها المناورة أثناء الطيران، لذا فإن اعتراضها يكون أكثر صعوبة، حتى حال اكتشافها.

وفي ديسمبر 2023، لم يتم اكتشاف الصواريخ الصينية المضادة للسفن الأسرع من الصوت في هجوم محاكي بالكمبيوتر ضد السفن الحربية الأميركية في مختبر أبحاث صيني.

وتمتلك الولايات المتحدة طائرة وعدداً قليلاً من برامج وكالة مشاريع البحوث الدفاعية المتقدمة، مثل مشروع “فالكون”، ومفهوم الأسلحة الهوائية التي تتنفس بسرعة تفوق سرعة الصوت (HAWC)، والصواريخ الهجومية المضادة للسطح التي تطلق من الجو بسرعة تفوق سرعة الصوت (HALO).

الزوارق الهجومية

وتتزايد أعداد المركبات البحرية السطحية غير المأهولة والقوارب بدون طيار والمركبات تحت السطحية، إذ تعمل المركبات تحت الماء ذاتية التشغيل على زيادة القدرة الهجومية ضد الدفاعات المحسنة للمركبات البحرية السطحية.

وعلى نحو مماثل، قد يكون هناك تهديد من أسراب الطائرات بدون طيار المحملة بالأسلحة. وفي حين أن القوارب غير المأهولة والغواصات المستقلة لها العديد من الأدوار في أوقات السلم والدفاع، مثل مراقبة البيئة، والمسح البحري، والشحن التجاري، وممارسة إطلاق النار على الهدف، وإزالة الألغام، فإن دورها الهجومي يحتاج إلى دفاعات خاصة.

وتُستخدم هذه المركبات لأغراض المراقبة والاستطلاع، وعمليات الضرب، ومنع الوصول إلى المناطق أو البحار.