تواجه مبادرة الحزام والطريق الصينية (BRI) مجموعة من التحديات الأمنية ونقاط الضعف التي تهدد استقرارها ونجاحها على المدى الطويل، وذلك نظراً لامتدادها عبر مناطق تشهد توترات جيوسياسية دائمة وصراعات إقليمية. تعد منطقة كشمير، التي تمر بها الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان (CPEC)، من أبرز نقاط التوتر، حيث تعتبر هذه المنطقة موضع نزاع بين الهند وباكستان، وهما دولتان نوويتان، أي أن أي تصاعد في التوترات أو اندلاع مواجهة عسكرية في هذه المنطقة يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على أمان وجدوى مشاريع CPEC.
كما تشكل الصراعات الأخرى، مثل النزاع بين أرمينيا وأذربيجان حول منطقة ناغورنو-كاراباخ، خطراً على مسار المبادرة، حيث يعبر ممر شرق-غرب العابر لبحر قزوين في كلا البلدين، مما يعني أن أي تجدد للصراع قد يعطل حركة النقل واللوجستيات على هذا المسار الحيوي. إلى جانب ذلك، يشمل المكون البحري لمبادرة الحزام والطريق مناطق تشهد نزاعات إقليمية مستمرة، مثل بحر الصين الجنوبي. كالتوترات بين الصين ودول أخرى، مثل فيتنام والفلبين وماليزيا، التي تدعي سيادتها على أجزاء من هذا البحر وبالتالي تزيد من احتمالات المواجهات العسكرية، مما يثير المخاوف بشأن أمن طرق التجارة البحرية.
تعد مشكلة الإرهاب والتطرف تهديداً كبيراً لمشاريع المبادرة، خاصة في المناطق التي تنشط فيها الجماعات الإرهابية. في آسيا الوسطى، حيث تشكل جماعات مثل حركة أوزبكستان الإسلامية وحركة تركستان الشرقية الإسلامية خطراً على البنية التحتية والأفراد المرتبطين بالاستثمارات والمشاريع الأجنبية. ووجود هذه الجماعات في دول شريكة مثل أوزبكستان وقيرغيزستان وطاجيكستان يزيد من المخاوف الأمنية بشأن مشاريع المبادرة في هذه المناطق.
كما يمثل نشاط جماعات مثل طالبان في أفغانستان والتنظيمات الإرهابية المختلفة في باكستان خطراً على مشاريع المبادرة، وخاصة على الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني ((CPEC، بالإضافة إلى ذلك، يواجه مسار المبادرة عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تهديدات من الجماعات المتطرفة مثل تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، مما يزيد من احتمالية التعرض لهجمات تستهدف طرق التجارة البحرية أو المنشآت المينائية.
التحديات الأمنية لا تقتصر فقط على الصراعات المسلحة والإرهاب، بل تشمل أيضاً المخاطر الطبيعية والكوارث البيئية. تمر مسارات المبادرة عبر مناطق معرضة للزلازل والفيضانات والانهيارات الأرضية، والتي يمكن أن تتسبب في أضرار كبيرة للبنية التحتية وتعطل شبكات النقل، مما يشكل تهديداً مباشراً لاستمرارية المشاريع. إلى جانب ذلك، تواجه المبادرة مخاطر بيئية مثل التصحر ونقص المياه وآثار تغير المناخ، مما قد يزيد من التوترات والصراعات القائمة، خاصة في مناطق تعاني من قلة الموارد.
تتطلب مواجهة هذه التحديات الأمنية المعقدة وضع استراتيجيات شاملة وتعزيز التعاون مع الدول الشريكة. إن التزام الصين بدعم الاستقرار والحد من المخاطر في المناطق التي تغطيها المبادرة سيكون ضرورياً لضمان نجاح واستدامة مشاريع الحزام والطريق في المستقبل.