أثار الفيلم الهندي، “حياة الماعز”، الذي يُعرض حالياً على منصّة “نتفليكس” موجة انتقادات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي – ولا يزال. الفيلم يروي قصة شاب هندي، باع كلّ ما يملك للتوجّه إلى المملكة العربية السعودية بحثاً عن فرصة عمل. فوجد نفسه هناك ضحية شخص ادّعى بأنه كفيله، وقام باحتجازه ليرعى الأغنام في منطقة صحراوية نائية كابد فيها ظروف العزلة طيلة سنوات ثلاث قبل أن يتمكّن من الهرب.
الفيلم، الذي أُسند دور الكفيل فيه للممثل العماني طالب البلوشي، مقتبس من رواية تحمل الإسم نفسه وصدرت في العام 2008 باللغة الماليالامية، إحدى لغات جنوب الهند. وهي تدور حول “أحداث واقعية” تعود لتسعينيات القرن الماضي. ورغم بدء عرضه في شهر آذار/مارس الماضي، إلّا أن صدور النسخة العربية منه مؤخّراً أطلقت العنان لجدلٍ مستعر في أكثر من دولة عربية.
يتمحور الفيلم حول نظام الكفالة السعودي. والأخير مسألة حسّاسة للغاية وذات أبعاد اجتماعية وسياسية لم يسلم من انتقادات واسعة من قِبَل منظمات حقوقية دولية. وتتناول الأحداث سماح النظام المذكور للكفيل بالتحكّم بحياة العامل الأجنبي – من المأكل والمشرب إلى المسكن وحركة التنقل – وهو ما يصفه البعض بانتهاك أبسط حقوق الإنسان.
وكأي مادة إشكالية، انقسم الرأي العام بين مؤيّد ومعارض. فالبعض رأى أن الفيلم يصوّر بالفعل واقعاً يتعلّق بنظام الكفالة المفروض على أي عامل أجنبي في السعودية. في حين شدّد القيّمون عليه على أنه لا يحمل أي إساءة لدولة أو شعب أو مجتمع أو عرق. غير أن كثيرين اتّهموه بتشويه شخصية الرجل السعودي، خصوصاً، والعربي، عموماً. ذلك بسبب صبغه للكفيل بصبغة القساوة والاحتيال والبخل، من بين صفات أخرى.
من ناحيتهم، نظر آخرون إلى الفيلم من زاوية الدور الإيجابي الذي قد يلعبه في الإضاءة على مطالب العمال الأجانب في المملكة، ما من شأنه أن يدفع بالمسؤولين لتحسين النظام وتطويره. وثمة من لم يتردّد، في هذا السياق، في وصف جهل القيّمين على العمل لفشلهم في تصوير الواقع بصورة صحيحة، ما أوقعهم في متاهة أخطاء ومغالطات كثيرة.
جدير بالذكر أن السعودية أقرّت سنة 2020 إصلاحات في نظام الكفالة، منعاً لأي انتهاك أو استغلال للعمال الوافدين من قِبَل الكفلاء. لذا، يذهب منتقدو الفيلم إلى إدراجه في خانة المؤامرة التي تهدف إلى تشويه صورتها. ويأتي ذلك في خضمّ خوض المملكة لتجربة “رؤية 2030” وما تشمله من إصلاحات تطال مناحٍ حياتية عدّة، ليس أقلّها الثقافة والمجتمع والاقتصاد.