التقارب الصيني العراقي… هل يُقلق الولايات المتحدة الأميركية؟

عقدت مؤخراً اجتماعات رفيعة المستوى بين كبار المسؤولين العراقيين والصينيين بهدف تعزيز العلاقات بين البلدين استناداً لاتفاقية ” النفط مقابل الاعمار والاستثمار” لعام 2019 ، والتي تم توسيعها لاحقاً لتصبح ” الاتفاقية الإطارية بين العراق والصين” لعام 2021. وأتت هذه الاجتماعات بعد أن فازت الصين بحصة الأسد في استغلال 10 حقول للنفط والغاز في عطاءات التراخيص التي أطلقها العراق خلال الشهر الماضي.
مما لا شك فيه أن الاتفاقية الإطارية بين بكين وبغداد ساهمت في تطوير العلاقات بين البلدين. فحالياً الصين هي الشريك التجاري الأول للعراق إذ وصل حجم التبادل التجاري بينهما خلال العام 2023 حوالي 50 مليار دولار أميركي. كما أن بكين هي أكبر مستثمر في البلاد حيث تجاوز إجمالي الاستثمار المباشر 34 مليار دولارأميركي.
يبدو أن العراق يسير على حبل مشدود لناحية الحفاظ على علاقاته الاقتصادية والتجارية مع الصين وعلاقاته الأمنية مع الولايات المتحدة الأميركية. ومع ذلك فإن واشنطن غير راضية عن التقارب بين بغداد وبكين وهو ما سمعه رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني من المسؤولين الأميركيين عندما زار واشنطن في وقت سابق من هذا العام.
يعتبر النفط أساس العلاقة بين الصين والعراق نظراً لكون الصين أكبر مستورد للنفط الخام عالمياً، والعراق هو من بين أكبر الدول المصدرة للنفط إلى الصين . والتعاون النفطي بين البلدين لا يثير قلق الولايات المتحدة بقدر التقارب بينهما في مجال التكنولوجيا. وهو ما يفسر عدم حماسة الشركات الأميركية للفوز في عروض النفط والغاز التي عرضها العراق الشهر الماضي على الرغم من أن الرئيس السوداني شجع شخصياً الشركات الأميركية لتقديم عطاءاتها خلال جولة التراخيص السادسة لحقول الغاز والنفط العراقيةـ إلا أنه مع إجراء دورة التراخيص لم تفوز أي شركة أميركية.
وعلى الرغم من قلق واشنطن من التقارب التكنولوجي بين العراق والصين، فقد وقعت شركة آسياسل ، وهي أكبر شركة اتصالات في العراق ، على شراكة جديدة مع شركة هواوي الصينية. كما تعتمد شركات الاتصالات العراقية الأخرى على تكنولوجيا شركة هواوي .
ومن ناحية أخرى تسعى الصين إلى ربط طريق التنمية العراقي الذي تبلغ تكلفته 17 مليار دولار مباشرة بمشروع الحزام والطريق الأمر الذي قد يثير غضب الولايات المتحدة التي أعلنت عن طريق منافس لطريق الحرير يمتد من الهند مروراً بالشرق الأوسط و”إسرائيل” وصولاً إلى موانئ أوروبا.
تسعى الصين إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية مع العراق، لاسيما الاستثمار في حقول النفط والغاز، والحفاظ على مصالحها فيه، دون الانخراط الأمني في البلاد التي شهدت اضطرابات وأوضاع أمنية متوترة مع العمل على حماية شركاتها من التعرض لاعتدءات.
وعلى الرغم من التقارب الصيني العراقي، إلا أن رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني يحاول عدم إثارت غضب الولايات المتحدة الأميركية فهو لم يلتق الرئيس الصيني شي جين بينغ إلا مرة واحدة عام 2022 خلال القمة الصينية العربية . ويجري الحديث حالياً عن دعوة صينية قد توجه إليه لزيارة الصين، ومع ذلك قد يفضل رئيس وزراء العراق تجنب زيارة بكين لعدم إثارة غضب واشنطن خاصة أنه ينوي الترشح للانتخابات البرلمانية المقبلة في العام 2025.