جمانة ممتاز
كنتُ أفكر بالمقابل باللغة العربية لمفهوم Less is more, والتي تعني “الأقل أكثر”، هل هناك فلسفة تقابلها؟ فوجدته في الأقوال والشعر وفلسفة اللغة العربية.
تُعرف العربية بأنها لغة البلاغة، وتضم معجم يتخطى ملايين الكلمات، لكن في المقابل يتبنى العرب فكر ” البلاغة إيجاز” وهو أن تقول الكثير في بضع كلمات.
ويقول العرب ” أعذبُ الشعر أكذبه” ولعلي هنا أتلاعب قليلاً بالعبارة الى “أعذبُ الشعر أسهله” أي ما يفهمه الناس ويستذوقونه ولكنه يظل حرفة الشعراء التي لا يمكن صياغتها بسهولة فأطلقوا عليه ” السهل الممتنع “، وبذلك يقابل هذا المصطلح معنى عبارة Less is more “ الأقل أكثر”.
النفري وهو فيلسوف ومتصوف قال عبارة ما زالت تردد حتى اليوم تشرح فلسفة عميقة قريبة ” كلما اتسعت الرؤية ضاقت العبارة” .. عبارة تشبه الطبيعة البشرية، يمكن تفسيرها ان الدهشة تُفرغ الكلام، أو عندما يُملأ الإنسان بالمعرفة يصبح كالدليل، يستطيع أن يستخرج المعلومة المهمة والمرادة دون البعثرة.
في الحقيقة (Less is more) ليست مثلاً بل مبدأ صاغه عالم الهندسة المعمارية المنسوب إلى الحداثة (مايس ڤان دي روه)، وأرادَ منه الوضوح في البناء والبساطة مع التركيز على الأساسيات، المبدأ اُقتبسَ في عدة مجالات لاحقاً أهمها الفن والأدب وأسلوب الحياة. “وهي عبارة على قصرها وجزالتها، ستغير وجه فن العمارة في القرن الـ20 ليصبح أكثر بساطة وعملية وبُعدا عن التكلف والتعقيد.
البساطة تعني الكثير وتعبر عن الأعماق؛ بينما الكثير لوحده قد يُشير الى الإغراق، هذه فلسفة حياتية، فالناس مثلا تأنس إلى صحبة الإنسان الممتلئ بالمعرفة والبسيط الذي يمكن محاورته، وتتحاشى المغرور لشعورهم بالملل من كثرة حديثه عن نفسه بتفاصيل غير مهمة.
يقول ابن الخيمي في ذلك
يا طالباً للعزّ هاك نصيحتي
لفظا على المعنى البسيط وجيزاً