لقد ظهرت الهجرة غير الشرعية على الساحة الدولية كظاهرة اجتماعية معقدة ومتداخلة، وهي بمفهومها الحالي تعد وسيلة مهمة لمواجهة المصاعب التي تعاني منها الدول، سواء في مواجهة الظروف الاقتصادية أو الكثافة السكانية في بعض الدول، مما ساعد على اتساع مفهوم الهجرة الشرعية أو غير الشرعية باعتبار أن العالم أصبح قرية صغيرة.
ومن هذا المنطلق تعاني الدول الأوروبية، ولاسيّما تلك التي تتبع سياسة قبول اللاجئين والمهاجرين، وتتمتع باقتصاد وفير في فرص العمل، وانخفاض في معدلات النمو السكاني وارتفاع نسبة الشيخوخة، من ظاهرة تهريب المهاجرين ولقد تمكنت دول القارة الأوروبية بإبرام اتفاقية شنغن، والتي وقعت فيها كل من فرنسا وألمانيا وبلجيكا وهولندا في عام ۱۹۸۵م، تم السماح بموجبها بحرية تنقل أشخاص المنتمين إلى دول إوروبا، إلا دول الاتحاد الأوربي تعد من أكثر الدول استقطابا للهجرة غير الشرعية؛ بسبب ما تتميز به هذه الدول من التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لذلك اتخذت هذه الدول مجموعة من الإجراءات للتصدي لظاهرة الهجرة غير الشرعية فمع دخول كل من إسبانيا والبرتغال وسويسرا إلى هذ الاتفاقية اتخذت قضية الهجرة أبعادا غير متوقعة لاسيما بعد لجوء سلطات مدريد إلى فرض مزيد من الإجراءات الاحترازية أمام أي عملية هجرة جديدة، ذلك في محاولة مواطنيها من الاندماج في الاتحاد الأوروبي وبمجرد دخول اتفاقية شنغن حيز التنفيذ في عام ١٩٩٥م، حسم الاتحاد الأوروبي موقفه تجاه الهجرة غير الشرعية بإضفاء سياسة أمنية صارمة فكان من أهم نتائجها أنها حدث من منح التأشيرات للدخول لأوروبا ، الأمر الذي ترك في أواسط الراغبين للهجرة إليها شعوراً بالإحباط، وكذلك أن تتبادل الدول الأعضاء المعلومات الشخصية والأمنية مع بعضها عبر ما يسمى (بنظام شنجن المعلوماتي) ، والذي يتيح من خلاله بسهولة إلقاء القبض على أي شخص غير مرغوب فيه دخل القارة الأوروبية، وأيضا سعت الاستراتيجية الأوروبية باتخاذ خطوات تطبيقية لمواجهة هذه الظاهرة والحد منها ولاسيّما الاتحاد الأوربي اتخذ العديد من الإجراءات والأساليب لغرض التصدي للهجرة غير الشرعية تتمثل بالأتي:-
1- مساعدة المهاجرين غير الشرعيين من العودة : هذه السياسة شرعت في السبعينات في القرن الماضي حيث وصل الأمر إلى انتهاج أوروبا سياسة مزدوجة تجاه المهاجرين غير الشرعيين على اثر الأزمة الاقتصادية كغلق الحدود أمام وصول المهاجرين الجدد تحفيز المهاجرين غير الشرعيين على العودة إلى أوطانهم من خلال منح مساعدات وتسهيلات لهم للعودة إلى بلادهم وتوجهت هذه المساعدات إلى المهاجرين غير الشرعيين الذين يعانون من البطالة كما حصل عام 2004 عندما عاد أكثر من 1000 مهاجر غير شرعي من ايطاليا إلى ليبيا بالطائرات .
2- تكثيف التعاون في مجال إيقاف ومراقبة الهجرة غير الشرعية عبر تعزيز قدرة الشرطة وأجهزة الأمن في حماية الحدود الخارجية، كما قامت دول الاتحاد بزيادة استخدام التقنيات الحديثة لمراقبة الحدود وتزويدهم بأجهزة الإنذار لرصد تدفقات المهاجرين وإعدادهم واتباع سياسة للتقليص من المهاجرين غير الشرعيين التي تؤثر على حريات وحقوق الإنسان وتتمثل هذه السياسة في الطرد، الاعتقال التعاون مع الشرطة لمراقبة الحدود للدول المصدرة للمهاجرين غير الشرعيين في إطار سياسة الدول غير الآمنة،مثال على ذلك تطبيق قانون التعاون عبر البحر الأبيض المتوسط الذي وقع بين ايطاليا وليبيا على اعتبار ليبيا منطقة عبور للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا.
3- سياسة الجوار الأوربية هذه السياسة انبثقت عن المشروع الأوروبي للسياسة الخارجية والأمنية المشتركة، يعود تاريخها إلى نشر المفوضية الأوربية في 2003 الوثيقة الرسمية الموسومة ب(أوربا والجوار) تسعى لمعالجة الأسباب الجوهرية للهجرة غير الشرعية والتخفيف منها والعمل على إعادة من ليس له حق الإقامة في الاتحاد الأوربي إلى بلده.
4- وفي عام ٢٠٠٥م أدرجت المفوضية الأوروبية قائمة بأولويات السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالهجرة واللجوء من خلال تحسين قدرة البلدان الأخرى في مجال إدارة الهجرة وحماية اللاجئين ودعم قدرتها التشغيلية في إدارة الحدود وتأمين أكثر للوثائق ومنح اللاجئين فرصة أفضل للحصول على حلول دائمة وضمان عودة المهاجرين غير الشرعيين.
5- كذلك انشأ الاتحاد الأوربي (الصندوق الانمائي الأوروبي للطوارئ من اجل إفريقيا) مما يقلل من إقدام الأفارقة على التوجه إلى أوروبا ومنذ إنشاء الصندوق وحتى انتهاء العمل به في كانون الأول عام 2021 تم إطلاق أكثر من 250 مشروعاً لمنع ومكافحة تهريب المهاجرين وتعزيز التعاون لعودة المهاجرين ودعم جهود تعزيز الاستقرار في الصومال والسودان وجنوب السودان ومنطقة الساحل وبعد أن تم إنشاء الصندوق الاتحاد الأوروبي سجل معدل اقل لعبور المواطنين الأفارقة للحدود بشكل غير شرعي.